يهتم مركز المخطوطات والتراث البصري اهتماماً خاصاً بالموروث الملاحي، وهو طرف مؤسس وفاعل في (لجنة إحياء الموروث الملاحي في البصرة) التي يترأسها السيد النائب الإداري للمحافظ ماهر إبراهيم العامري، وضمن هذا التوجه وجد (معرض الموروث الملاحي) في المركز كتجسيد فني معاصر للبحث في جانب مهم من تراث البصرة الأصيل الزاخر بالتنوع، ويأتي المعرض في سياق التأكيد على الدور التاريخي الريادي للبصرة في مجالات الملاحة والنقل النهري وتصنيع القوارب النهرية، فقد أبدع البصريون القدماء على مدى مئات السنين في تصنيع قوارب ذات سمات محلية فريدة تلبية لمتطلبات النقل والتجارة، وما المعرض إلا إضاءة على ذلك التراث البصري العريق.

تم إنشاء (معرض موروث الملاحة النهرية) من قبل (مشاريع السفينة) بإدارة الفنان والباحث العراقي رشاد سليم، والذي كان عضواً في فريق رحلة القارب (دجلة) بقيادة عالم الأجناس والمغامر النرويجي تور هايردال، الذي جاء في عام 1977 الى البصرة مع فريقه متعدد الجنسيات، والمكون من هنود من بحيرة تيتيكاكا في جنوب أميركا، واستعان بحرفيين من قرية الشويج في قضاء المدينة لإنشاء قارب طوف (شاشة) شراعي من نبات البردي، وانطلق بالقارب من القرنة مع فريقه في رحلة بحرية محفوفة بالتحديات امتدت لمسافة 6800كم.

يضم المعرض الذي يشغل ثلاث غرف من الطابق العلوي للمركز نماذج فنية مصغرة لأنواع من أشهر القوارب النهرية المحلية، من بينها (البلم العشاري) الذي كان شائع الاستخدام في أنهار البصرة، ولا سيما في نهر العشار، وقد صنع مصغره بحرفية عالية أسعد الصياد، وكذلك توجد نماذج عديدة بأحجام مختلفة لقارب (المشحوف) الذي يتفرد باستخدامه منذ آلاف السنين سكان أهوار جنوب العراق، وقد صنعها بإتقان عادل شاكر عبد الله، كما يحتوي المعرض على مكتبة تضم رفوفها العديد من الكتب التي تعنى بفنون الملاحة والجغرافية الطبيعية والأنهار وصناعة القوارب التقليدية.